
في فضاء مسرحي رمزي جمع بين الذاكرة الجماعية وواقع العصر الرقمي، عُرضت مسرحية “أغلانة وتحجلب” التي تضع المشاهد أمام جدلية عميقة بين الماضي والحاضر، بين الكلمة والصورة، وبين الحنين والسخرية.
تلتقي الشخصيتان الرئيسيتان، أغلانة وتحجلب، في مواجهة فنية تكشف التحولات التي عرفها الإنسان الحسّاني. تمثل أغلانة ذاكرة المجتمع التي ما زالت متمسكة بسحر الحكاية الشفهية وقوة الرواية الشفوية، في حين تجسد تحجلب جيلاً جديداً يعيش داخل الشاشات، حيث يُقاس الوجود بعدد المتابعين ونبض التفاعل الرقمي.

الحوار بينهما لا يخلو من التوتر والجدل، فهو تارة يفيض بالسخرية وتارة أخرى يقطر حنيناً إلى زمن كانت فيه الحكاية سبيلاً للفهم وبناء المعنى. ومع تصاعد الأحداث، تمتزج الحكاية بالصورة، ليُطرح سؤال إنساني عميق: هل ما زالت الحكاية الشفهية قادرة على منح الإنسان معنى في زمن تتحكم فيه الشاشة في إدراكه للعالم؟
المسرحية التي جاءت بدعم من وزارة الثقافة والشباب والتواصل في إطار الإنتاج وترويج العروض المسرحية، حملت توقيع الكاتب الأحمدي محمد مولود في التأليف، والمخرج عزيز أبلاغ في الإخراج. أما على خشبة المسرح، فقد تقمّصت الأدوار كل من الفنانة أبا خادم الله والفنانة نبيهة برني، فيما أضفت الفنانة ليلى الغزواني لمستها الإبداعية من خلال العزف والغناء، مانحة العرض بعداً موسيقياً يعانق الكلمة والصورة معاً.
بهذا المزج بين التراث الشفهي وواقع الصورة الرقمية، تقدم المسرحية تجربة فنية وإنسانية تضع المتلقي أمام مرآة التحولات الثقافية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع الحسّاني اليوم.
